الصحافة في عصر الذكاء الاصطناعي

في سلسلة من الموضوعات الهامة، أصحبكم في رحلة توعية ومعرفة حول الصحافة في عصر الذكاء الاصطناعي، وأهمية استخدامات الذكاء الاصطناعي في الصحافة والإعلام، وذلك استنادًا إلى خبرات كوّنتها على مدار سنوات في هذا المجال، وتجربة تطبيق استمرت ثلاثة أعوام حملت الكثير من المعلومات غير المتداولة وغير المعروفة لمن يستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي بصورة سطحية أو لمهام بسيطة في العمل الصحفي.

بقلم : عائشة العفيفي

رئيس تحرير بوابات التكنولوجيا وأخبارها في الإمارات ومصر

الذكاء الاصطناعي.. سلاح ذو حدين في الإعلام

إن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الصحافة والإعلام هو سلاح ذو حدين، يمكن أن يحقق نجاحات غير مسبوقة إذا ما تم استخدامه بكفاءة ومعرفة تامة به، وهو ما حققناه في تجربتنا على مدار أعوام في “بوابات التكنولوجيا وأخبارها”، حيث تمكّنا من تحقيق تصدّر منقطع النظير لمحركات البحث كنتيجة للاستخدام الأمثل لأدوات الذكاء الاصطناعي وتطويعها لخدمة العمل الصحفي وتطوير التغطيات الصحفية على جميع المستويات، والتي حققنا فيها السبق بكون مواقعنا أول مواقع تُدار بالكامل بالذكاء الاصطناعي في جميع أعمالها.

 

من الصحافة التقليدية إلى التحرير الذكي

في يومٍ ما، كان الصحفي هو الوحيد القادر على نقل الخبر، تحريره، صياغته، والتحقق منه. كان يحمل دفتر ملاحظاته، يسابق الزمن، ويعتمد على مصادره الخاصة ليخرج بتقرير صحفي دقيق. أما اليوم، فقد دخلت أدوات غير مرئية إلى غرف التحرير، أدوات لا تتعب ولا تنام: إنها أنظمة الذكاء الاصطناعي.

 

تحوّل جذري في صناعة الإعلام

عندما نتحدث عن الذكاء الاصطناعي في الصحافة، فنحن لا نقف أمام اختراع عابر أو موجة مؤقتة، بل أمام تحوّل جذري يعيد تشكيل مفاهيم الإعلام من جذورها.
بدأت القصة بتجارب بسيطة — برامج تُستخدم لتصحيح الأخطاء الإملائية أو اقتراح عناوين — لكنها سرعان ما تطورت لتصل إلى كتابة تقارير إخبارية كاملة في غضون ثوانٍ، وتحليل اتجاهات الجمهور بشكل أكثر دقة مما يستطيع البشر.

شريك في اتخاذ القرار التحريري

الذكاء الاصطناعي اليوم لا يكتب فحسب، بل يقرأ ويحلل ويتوقع. تخيل أن نظامًا قادرًا على معالجة آلاف المقالات خلال دقائق قليلة، ثم يستخلص منها أفضل الأساليب والأنماط التي تجذب القارئ. بهذه الطريقة، لم يعد الذكاء الاصطناعي أداة تُستخدم فقط لتحسين الإنتاجية، بل أصبح شريكًا في اتخاذ القرار التحريري.

 

أبرز التطبيقات داخل غرف الأخبار

ومن أبرز التطبيقات التي غزت غرف التحرير: أدوات التلخيص التلقائي، تحليل المشاعر، إنشاء المحتوى عبر مولدات النصوص، وأدوات التعرف على الصور والصوت. استخدمت إحدى الصحف روبوتًا لإنتاج القصص الإخبارية القصيرة خلال فترة الانتخابات.. هذا الروبوت لم يكن مجرد أداة كتابة، بل كان يربط بين مصادر البيانات وينتج قصصًا جاهزة للنشر وفق قواعد تحريرية مسبقة.

 

تساؤلات حول إنسانية الصحافة

لكن هذا التقدم المذهل يطرح تساؤلات جوهرية: هل تفقد الصحافة إنسانيتها؟ هل يُمكن لمقال آلي أن يحمل نفس النبض الذي يكتبه صحفي عايش الحدث؟ أم أن الذكاء الاصطناعي سيكون مجرد مساعد، يحرر الصحفي من المهام الروتينية، ليمنحه وقتًا أوسع للتفكير والاستقصاء والإبداع؟

 

متغيرات المصداقية في العصر الرقمي

في الحقيقة، لا توجد إجابة قاطعة بعد. لكن المؤكد أن الصحافة كما نعرفها تتغير. لم تعد المصداقية تعتمد فقط على “من كتب الخبر”، بل أيضًا على “كيف تمت معالجته”. الصحفي العصري يحتاج إلى مهارات جديدة: فهم أدوات الذكاء الاصطناعي، التحقق من المعلومات المُولدة، وضمان أن يبقى “الصوت البشري” حاضرًا في كل ما يُنشر.

 

زميل رقمي لا ينام

في النهاية، ليس من الضروري أن يكون الذكاء الاصطناعي خصمًا للصحفي. بل يمكن اعتباره زميلًا رقميًا لا ينام، يساعد في التحرير والتحليل والتوزيع. لكنه في ذات الوقت يتطلب يقظة، ومهارات جديدة، ورؤية أخلاقية عميقة. فالمستقبل لا ينتظر، ومن لا يُجيد لغة الذكاء الاصطناعي، سيُقصى من لعبة الإعلام القادمة.

 

للتواصل : 

aisha@eemirates.net

 

سجل في قائمتنا البريدية لتصلك آخر الأخبار

 

تابعونا أيضا على بوابة التكنولوجيا وأخبارها في مصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *